السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت أتساءل دائما باستغراب أثناء قراءتي لهذه الآية : { فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } ( الكهف: 97) ، وأقول : ما الفرق بين : ( اسطاعوا ) و( استطاعوا ) ؟!!
فبحثت في كتب التفاسير ، مبتدئة بتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي فلم أجد ،
ثم ذهبت إلى تفسير البغوي وغيرهما والحال كما هي لم أجد مبتغاي ، فهممت أن
أرفع يدي إلى تفسير ابن كثير – رحمهم الله جميعا - فقلت ربما لن أجده ،
فسألت أخي ما الفرق بينهما ؟ فلا جواب للسؤال ، بيد أنه أحالني إلى تفسير
ابن عثيمين – رحمه الله – وقال : ( اذهبي له فهو ما شاء الله لم يترك شيئا
إلا وعلمنا إياه ) ، وفعلا استجبت لنصحه ، فأنارني الشيخ : ( محمد بن صالح
العثيمين ) بنور علمه - رحمه الله - حيث أنه قال :
قوله تعالى : { فَمَا اسْطَاعُوا } و { ما استطاعوا } معناهما واحد ، وسبق في قصة موسى مع الخضر { ما لم تستطع } و { ما لم تسطع } .
{ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ } يعني : أن يصعدوا عليه ؛ لأنه عالٍ ؛ ولأن الظاهر أنه أملس ، فهم لا يستطيعون أن يصعدوا عليه .
{ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } لم تأتِ التاء في الفعل الأول { اسطاعوا } وأتت فيه ثانيًا ، وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ، أيهما أشق أن يصعدوا الجبل أو أن يَنقبوا هذا الحديد ؟
الجواب : الثاني أصعب ولهذا قال : { وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا }
لأنه حديد ممسوك بالنحاس ، فصاروا لا يستطيعون ظهوره لعلوه وملاسته ، فيما
يظهر ، ولم يستطيعوا له نقبًا لصلابته وقوته ، إذًا صار سدًا منيعًا وكفى
الله شر هؤلاء المفسدين وهم يأجوج ومأجوج .